الهويات الثقافية: كيف يمكن مجابهة القوى التي تصقل الهويات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

ينطوي جزء من عملنا في بيلد آب على جمع أفضل الممارسات، والنهج التشاركية، والتكنولوجيا الرقمية من أجل تحديد ومعالجة التحديات الناشئة في وجه السلام

من خلال استخدام التكنولوجيا الرقمية، نحن على وعي دائم بأننا في سلسلة تبادل متصلة. تسمح لنا عملية التبادل هذه أن نستنبط من التكنولوجيا المعلومات التي تسمح لنا بدورها تحديد ومعالجة الصراع. على سبيل المثال، المعلومات التي تؤدي إلى خلق توجه من تضليل إعلامي وخطاب كراهية واستقطاب، وما إلى ذلك. وبالمقابل، فإننا نمنح للتكنولوجيا نفسها أجزاءً منا، من هوياتنا، ومعتقداتنا، وما إلى هنالك، وذلك عندما نقوم بإنشاء حسابات ونتشارك الأيدلوجيات ونتواصل مع من يروق لنا من الآخرين وما إلى ذلك. من خلال هذا التبادل والخبرات عند استعمال التكنولوجيا، تصبح هوياتنا كبناة سلام وناشطين ومدافعين عن حقوق الإنسان، إلخ، سلسة الانتقال من وإلى الإنترنت

ولكن من ناحية أخرى، الأمر ليس محض تبادل مبسّط من نقل الهوية من سياق خارج الإنترنت ووضعها في فضاءات الإنترنت وبعدها تستمر الحياة. تقدم المنصات الرقمية ضمن إعدادها فرصاً ووظائف للأفراد من المستخدمين، وقد يؤدي ذلك إلى ازدواجية أو حتى تعدد بالشخصيات (أو الهويات) ما بين الإنترنت وبدونه، بل حتى ما بين مختلف المنصات الإلكترونية

تصقل العوامل المجتمعية، كالدين والسياسة، شخصية الفرد، حتى قبيل انضمامه إلى الفضاء الرقمي. وبينما قد يكون لدى الأفراد خارج الإنترنت معتقدات متطرفة بخصوص هذه العوامل، من الممكن ألا يتم التعبير عن هذه المعتقدات بشكل كامل نظراً للعلانية والتجسيد في السياقات خارج الإنترنت، والتي تحمل معها قدراً هائلاً من المسؤولية. وعلى نقيض ذلك، تتيح الفضاءات الرقمية التحرر وإخفاء الهوية والذي يجعل من التعبير عن الأيدلوجيات المتطرفة أمراً أكثر سهولة

إضافةً إلى ذلك، فإنّ نموذج “القواقع” المتاح من قبل منصات وسائل التواصل الاجتماعي تستفيد من حاجة الإنسان إلى الانتماء. ومن خلال توجيه المستخدمين نحو المجموعات التي قد “ينتمون إليها” بناءً على عوامل مثل الدين أو الجنسية أو النوع الأجتماعي وما إلى ذلك، من المرجح أن يُدفَع المستخدمون إلى مساحات يتضخم فيها جزء من هويتهم على حساب الأجزاء الأخرى، أو أن تُمنَح مساحة لأجزاء صغيرة من هوياتهم والمقيَّدة خارج الإنترنت أن تعبر ضمن تلك المجموعات. ينجذب الأفراد ذوو الأيديولوجيات المستقطِبة نحو المجموعات أو الصفحات أو المحادثات نفسها، حيث تتغذى معتقداتهم من قِبل أشخاص يشبهونهم، ولا يصغون سوى إلى رواية واحدة قد تكون محرضة على النزاع أو الانقسام على أسس سياسية أو دينية أو عوامل أخرى مشابهة حسب للسياق

ينبغي علينا كبناة سلام أن نعي ونحذر من هذه الديناميكيات عند المشاركة في فضاءات الإنترنت

قد تزيد التصورات السلبية حول بناة السلام حدةً بسبب العوامل الموجودة خارج الإنترنت والتي تتسرب نحو فضاءاته، والتي ترى بناة السلام كهدف لها. ومن خلال إدراك أنّ المنصات الرقمية مُعدَّة لخلق فقاعات تحدّ من مشاركة الأشخاص الفاعلين بآرائهم المختلفة، يصبح في وسعنا البدء في التفكير بطرقٍ لتنشيط العامة لاتخاذ قرارات واعية في الفضاءات الرقمية بدلاً من الانقياد نحو دوائر المشاركة التي تختارها خوارزميات. يمكننا أيضاً، وبشكلٍ واعٍ، البدء ببناء مساحات متنوعة حيث يمكن مشاركة الأيدلوجيات المتطرفة، وأن تُناقش باحترام وكرامة